بسم الله الرحمان الرحيم
من بين الدراسات التطبيقية في القانون ،يمثل التعليق على الأحكام او القرارات القضائية أهمها على الإطلاقذلك أن إتقان التعليق على حكم أو قرار قضائي يفترض افلمام الجيد بالمعارف النضرية والمتعلقة بموضوع التعليق وإستيعاب معطيات المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم او القرار
المقصود بالتعليق على حكم أو قرار قضائي :
كل نزاع يعرض على الجهات القضائية يتعلق بمسالة معينة،أذن كل حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدي إلى تحليل مسالة قانونية .إذن التعليق على على الحكم او القرار هو :مناقشة او تحليل تطبيقي لمسالة قانونية نضرية تلقاها الطالب في المحاضرة .
وبالتالي فان منهجية التعليق على قرار أو حكم قضائي هي دراسة نضرية وتطبيقية في أن واحد لمسالة قانونية معينة ،إذ أن القرار او الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي ،فجوهر عمل القاضي يتمثل في إجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونبة التي تحكم النزاع ،وبين العناصر الواقعية لهذا النزاع ،وهو ما يفضي ألى نتيجة معينة ،هي الحكم الذي يتم صياغته في منطوق الحكم .
من ثم فان المطلوب من الباحث أثناء التعليق على القرار ،ليس العمل على إيجاد حل للمشكل القانوني باعتبار ان القضاء قد بث فيه ،ولكنه مناسبة للتامل ومحاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهل كليا موضوع الدعوى المعروضة ،لذلك لا يجوز الغوص في بحث نضري للموضوع الذي تناوله ذلك القرار .فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين ،وانما التعليق على قرار يتناول مسالة قانونية معينة.
ولكي يكون التعليق على القرار قرار سليما ،يجب أن يكون الباحث "المعلق" ملما اساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع ،وأيضا بالفقه قديمه وحديثه الذي تعرض للمسالة ،وكذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسالة وبالمراحل التاريخية التي مر بها تطوره توصلا إلى الموقف الأخير في الموضوع ومن ثم بيان انعكاسات ذلك الحل من الوجهة القانونية .
إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءة القرار أو الحكم عدة مرات دون تدوين أي شيء ،ويجب دراسة كل كلمة وردت في القرار لأنه من الصعب التعليق على قرار غير مفهوم ،لان المهمة سوف تكون معالجة العناصر والجهات المختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل والأساس ووفق منهجية مرسومة مسبقا لحالات التعليق ،فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلا ويقتضي التعرض لها في التعليق بإعطاء حكم تقييمي للقرار ككل ،وفي كافة النقاط القانونية عالجها.
المرحلة التحضيرية والمرحلة التحريرية.
منهجية التعليق على قرار :
يتطلب التعليق مرحلتين :المرحلة التحضيرية والمرحلة التحريرية .
1/المرحلة التحضيرية :
في هذه المرحلة يستخرج الطالب من القرار قائمة ،يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلى الحكم أو القرار الذي توصل إليه.وتحتوي هذه القائمة بالترتيب على:
*الوقائع :أي كل الأحداث التي أدت إلى نشوء النزاع :تصرف قانوني "بيع" ،أقوال "وعد"،أفعال مادية"ضرب".ويشترط:
#ألا يستخرج الباحث إلا الوقائع التي تهم في حل النزاع ،فمثلا إذا باع "أ"ل"بطسيارة ،وقام "أ"بضرب "ب"دون إحداث ضرر،ونشب نزاع بينهما حول تنفيد العقد ،فالقرار يعالج المسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيد الإلتزام إذن لا داعي لذكر الضرب لأن المسؤولية التقصيرية لم تطرح.
وإن كان يجب عدم تجاهل ـــ عند القراءة المتانيةـــ أي واقعة لأنه في عملية فرز الوقائع ،قد يقع المعلق على واقعة قد تكون جوهرية ،ومن شانها أن تاثر في الحل الذي وضعه القاضي أيجابا أو سلبا.
#لا بد من أستخراج الوقائع متسلسلة تسلسلا زمنيا حسب وقوعها ،ومرتبة في شكل نقاط.
#الإبتعاد عن أفتراض وقائع لم تذكر في القرار .
*الإجراءات:هي مختلف المراحل القضائية التي مر بها النزاع عبر درجات التقاضي ألى غاية صدور القرار محل التعليق.
فاذا كان التعليق يتناول قرار صادر عن مجلس قضائي ،فيجب افشارة ألى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية ،والذي كان موضوعا للطعن بالإستاناف أمام المجلس القضائي ،وإذا كان القرار موضوع التعليق صادرا عن المحكمة العليا ،يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمة والمجلس القضائي.
لكن وبفرض أن التعليق هو حكم محكمة ،فقد تكون لبعض المراحل الإجرائية في الدعوى أهميتها في تحديد معنى الحكم،مثلا:يجدر بالمعلق الإشارة إلى الخبرة ،إذا تمت إحالة الدعوى إلى الخبرة.
*الإدعاءات :وهي مزاعم وطلبات اطراف النزاع التي إستندو عليها للمطالبة بحقوقهم.
يجب أن تكون الإدعاءات مرتبة ،مع شرح الأسانيد القانونية ،أي ذكر النص القانوني الذي إعتمدو عليه ،ولا يجوز الإكتفاء بذكر "سوء تطبيق القانون"أو "مخالفة القانون".
فالبناء كله يعتمد على الإدعاءات ،وذلك بهدف تكييفها وتحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها ،أي الأحكام والقرارات لابد أن تستند ألى أدعاءات الخصوم .والإدعاءات يمكن التعرف عليها من خلال عبارات "عن الوجه الأول" أو إستنباطها من عبارات "حيث يؤخد على القرار"،"حيث ينعى على القرار ".
*المشكل القانوني :وهو السؤال الذي يتبادر إلى دهن القاضي عند الفصل في النزاع ،لأن تضارب الإدعاءات يثير مشكلا قانونيا يقوم القاضي بحله في أواخر حيثيات القرار ،قبل وضعه في منطوق الحكم .إذن المشكل القانوني لا يضهر في القرار و إنما يستنبط من الإدعاءات ومن الحل القانوني الذي توصل إليه القاضي.
ومن شروط طرح المشكل القانوني:
ـــ لابد أن يطرح في شكل سؤال أو عدة أسئلة ،أي سؤال رئيسي وأسئلة فرعية.
ـــ أن يطرح باسلوب قانوني ،فعوض هل يحق ل"أ"بيع عقاره عرفيا ؟ يطرح السؤال :هل الرسمية ركن في إنعقاد البيع العقاري؟
ـــ إعادة طرح الإشكال طرحا تطبيقيا :فمثلا الطرح النضري هو هل التدليس عيب في العقد ،والطرح التطبيقي هل تعتبر المعلومات الخاطئة التي أدلى بها "أ"ل"ب" بخصوص جودة المبيع حيلة تدليسية تؤدي إلى قابلية العقد للإبطال ؟
ـــ ألا يستشكل ملا مشكلة فيه :فعلى المعلق أن يبحث عن المشكل القانوني الذي يوصله إلى حل النزاع أما المسائل التي لم يتنازع عليها الأطراف فلا تطرح كمشكل قانوني ،فمثلا إذا تبين من الوقائع أنه تم عقد بيع عقار عرفيا ،ثم وقع نزاع حول صحة العقد،فلا داعي للتساؤل :هل البيع الذي تم بين "أ"و"ب" هو عقد عرفي لأن هذا ثابت من الوقائع ولا أشكال فيه.
ـــ بقدر ما طرح الإشكال بطريقة صحيحة بقدر ما يوفق المعلق في تحليل المسالة القانونية المعروضة من خلال الحكم أو القرار القضائي.
إذن المرحلة التحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلق وعليه أن يتوخى في شانه الدقة على إعتبار أن تحليلاته اللاحقة ،سوف تبنى على ما إستخلصه في هذه المرحلة.
2/المرحلة التحريرية :
تقتضي هذه المرحلة وضع خطة لدراسة المسالة القانونية والإجابة على الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثم مناقشتها.
ويشترط في هذه الخطة :
ـــ أن تكون خطة مصممة في شكل مقدمة ،صلب موضوع يحتوي على مباحث ومطالب وخاتمة.
ـــ أن تكون خطة تطبيقية ،أي تتعلق بالقضية وأطراف النزاع من خلال العناوين . فعلى المعلق تجنب الخطة النضرية نكما عليه تجنب الخطة المكونة من مبحث نضري ومبحث تطبيقي لأن هذه الخطة ستؤدي حتما إلى تكرار المعلومات.
ـــ أن تكون خطة دقيقة ،فمن الأحسن تجنب العناوين العامة.
ـــ أن تكون خطة متوازنةومتسلسلة تسلسلا منطقيا بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعة وفقا لتتابع وقائع القضية ،فتضهر بذلك بذلك بداية القضية في بداية الخطة ،كما تنتهي القضية بنهاية الخطة.
ـــ أن توضع خطة تجيب على المشكل القانوني المطروح ،فاذا كان ممكنا يتم إستخراج إشكاليتين قانونيتين ،وتعلج كل واحدة منهما في مبحث ،وهي الخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائية .
بعدما يضع المعلق الخطة بكل عناوينها ،يبدا في مناقشة المسالة القانونية التي يتعلق بها الحكم أو القرار القضائي محل التعليق إبتداء بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع ،إلى أن يصل إلى الخاتمة.
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
في المقدمة يبدا المعلق بعرض موضوع المسالة القانونية محل التعليق في جملة وجيزة ،بعدها يلخص الحكم أو القرار في فقرة متماسكة ،يسرد فيها بايجاز كا من الوقائع والإجراءات وافدعاءات منتهيا بطرح المشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبر كمدخل إلى صلب الموضوع .فالإنطلاق من المحكمة مصدرة القرار مثلا له أهمية قصوى ،حيث يمكن الباحث من القارنة في التحليل بين قضاة عدة محاكم لمعرفة افتجاه الغالب بالنسبة للإجتهاد القضائي .أما إذا كان القرار صادرا من المحكمة العليا،فيمكن مقارنته مع غيره من القرارات الصادرة من المحكمة العليا.كما أن ذكر تاريخ صدور القرار له أهمية لمعرفة ما اذا كان قد وقع هناك تحول للإجتهادات السابقة ،ام وقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة ،أم تم اللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى....إلخ
الموضـــــــــــــــــــــــــوع :
في صلب الموضوع يقوم المعلق في كا نقطة من نقاط الخطة "عنوان" بمناقشة جزء من المسالة القانونية المطلوب دراستها،مناقشة نضرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحل القانوني للنزاع. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية .
أولا :الدراسة النضرية :نشير في هذه الدراسة إلى :
ـــ موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية ،هل استند ألى نص قانوني ؟ هل هذا النص واضح أم غامض؟ كيف تم تفسيره ؟ ووفق أي إتجاه؟
ــموقف الفقه بالنسبة للحل ،ماهي الأراء الفقهية بالنسبة إلى هذه المسالة ،ما هو الأي الذي اعتمده القرار ــ موقف هذا الحل بالنسبة للاجتهاد هل يتوافق مع هذا الإجتهاد االسابق ،أم يطوره أم أنه يشكل نقطة تحول بالنسبة له ؟
وبالتالي يجب على المعلق الإستعانة بالمعلومات النضرية المتعلقة بالمسالة القانونية محل التعليق ،ثم الرجوع في كل مرة إلى حيثيات الحكم أو القرار محل التعليق لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة.
ثانيا : دراسة شخصية :من خلال إعطاء حكم تقييمي للحل الذي جاء به القرار . وهل يرى المعلق بان هنام حكم أفضل له نفس محاسن الحل المعطى ،دون أن تكون له سيئاته .
الخاتمــــــــــــــــــة: وفي الخاتمة يخرج الباحث بنتيجة مفادها أن المشكل القانوني الذي يطرحه الحكم أو القرار القضائي محل التعليق يتعلق بمسالة قانونية لها حل قانوني معين يذكره المعلق معالجا بذلك الحل الذي توصل إليه القضاة إما بالإيجاب أي بموافقة مع عرض البديل ،وبهذا يختم المعلق تعليقه على القرار.
نتمنى ان ينال الموضوع إعجابكم
سلام
من بين الدراسات التطبيقية في القانون ،يمثل التعليق على الأحكام او القرارات القضائية أهمها على الإطلاقذلك أن إتقان التعليق على حكم أو قرار قضائي يفترض افلمام الجيد بالمعارف النضرية والمتعلقة بموضوع التعليق وإستيعاب معطيات المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم او القرار
المقصود بالتعليق على حكم أو قرار قضائي :
كل نزاع يعرض على الجهات القضائية يتعلق بمسالة معينة،أذن كل حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدي إلى تحليل مسالة قانونية .إذن التعليق على على الحكم او القرار هو :مناقشة او تحليل تطبيقي لمسالة قانونية نضرية تلقاها الطالب في المحاضرة .
وبالتالي فان منهجية التعليق على قرار أو حكم قضائي هي دراسة نضرية وتطبيقية في أن واحد لمسالة قانونية معينة ،إذ أن القرار او الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي ،فجوهر عمل القاضي يتمثل في إجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونبة التي تحكم النزاع ،وبين العناصر الواقعية لهذا النزاع ،وهو ما يفضي ألى نتيجة معينة ،هي الحكم الذي يتم صياغته في منطوق الحكم .
من ثم فان المطلوب من الباحث أثناء التعليق على القرار ،ليس العمل على إيجاد حل للمشكل القانوني باعتبار ان القضاء قد بث فيه ،ولكنه مناسبة للتامل ومحاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهل كليا موضوع الدعوى المعروضة ،لذلك لا يجوز الغوص في بحث نضري للموضوع الذي تناوله ذلك القرار .فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين ،وانما التعليق على قرار يتناول مسالة قانونية معينة.
ولكي يكون التعليق على القرار قرار سليما ،يجب أن يكون الباحث "المعلق" ملما اساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع ،وأيضا بالفقه قديمه وحديثه الذي تعرض للمسالة ،وكذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسالة وبالمراحل التاريخية التي مر بها تطوره توصلا إلى الموقف الأخير في الموضوع ومن ثم بيان انعكاسات ذلك الحل من الوجهة القانونية .
إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءة القرار أو الحكم عدة مرات دون تدوين أي شيء ،ويجب دراسة كل كلمة وردت في القرار لأنه من الصعب التعليق على قرار غير مفهوم ،لان المهمة سوف تكون معالجة العناصر والجهات المختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل والأساس ووفق منهجية مرسومة مسبقا لحالات التعليق ،فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلا ويقتضي التعرض لها في التعليق بإعطاء حكم تقييمي للقرار ككل ،وفي كافة النقاط القانونية عالجها.
المرحلة التحضيرية والمرحلة التحريرية.
منهجية التعليق على قرار :
يتطلب التعليق مرحلتين :المرحلة التحضيرية والمرحلة التحريرية .
1/المرحلة التحضيرية :
في هذه المرحلة يستخرج الطالب من القرار قائمة ،يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلى الحكم أو القرار الذي توصل إليه.وتحتوي هذه القائمة بالترتيب على:
*الوقائع :أي كل الأحداث التي أدت إلى نشوء النزاع :تصرف قانوني "بيع" ،أقوال "وعد"،أفعال مادية"ضرب".ويشترط:
#ألا يستخرج الباحث إلا الوقائع التي تهم في حل النزاع ،فمثلا إذا باع "أ"ل"بطسيارة ،وقام "أ"بضرب "ب"دون إحداث ضرر،ونشب نزاع بينهما حول تنفيد العقد ،فالقرار يعالج المسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيد الإلتزام إذن لا داعي لذكر الضرب لأن المسؤولية التقصيرية لم تطرح.
وإن كان يجب عدم تجاهل ـــ عند القراءة المتانيةـــ أي واقعة لأنه في عملية فرز الوقائع ،قد يقع المعلق على واقعة قد تكون جوهرية ،ومن شانها أن تاثر في الحل الذي وضعه القاضي أيجابا أو سلبا.
#لا بد من أستخراج الوقائع متسلسلة تسلسلا زمنيا حسب وقوعها ،ومرتبة في شكل نقاط.
#الإبتعاد عن أفتراض وقائع لم تذكر في القرار .
*الإجراءات:هي مختلف المراحل القضائية التي مر بها النزاع عبر درجات التقاضي ألى غاية صدور القرار محل التعليق.
فاذا كان التعليق يتناول قرار صادر عن مجلس قضائي ،فيجب افشارة ألى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية ،والذي كان موضوعا للطعن بالإستاناف أمام المجلس القضائي ،وإذا كان القرار موضوع التعليق صادرا عن المحكمة العليا ،يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمة والمجلس القضائي.
لكن وبفرض أن التعليق هو حكم محكمة ،فقد تكون لبعض المراحل الإجرائية في الدعوى أهميتها في تحديد معنى الحكم،مثلا:يجدر بالمعلق الإشارة إلى الخبرة ،إذا تمت إحالة الدعوى إلى الخبرة.
*الإدعاءات :وهي مزاعم وطلبات اطراف النزاع التي إستندو عليها للمطالبة بحقوقهم.
يجب أن تكون الإدعاءات مرتبة ،مع شرح الأسانيد القانونية ،أي ذكر النص القانوني الذي إعتمدو عليه ،ولا يجوز الإكتفاء بذكر "سوء تطبيق القانون"أو "مخالفة القانون".
فالبناء كله يعتمد على الإدعاءات ،وذلك بهدف تكييفها وتحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها ،أي الأحكام والقرارات لابد أن تستند ألى أدعاءات الخصوم .والإدعاءات يمكن التعرف عليها من خلال عبارات "عن الوجه الأول" أو إستنباطها من عبارات "حيث يؤخد على القرار"،"حيث ينعى على القرار ".
*المشكل القانوني :وهو السؤال الذي يتبادر إلى دهن القاضي عند الفصل في النزاع ،لأن تضارب الإدعاءات يثير مشكلا قانونيا يقوم القاضي بحله في أواخر حيثيات القرار ،قبل وضعه في منطوق الحكم .إذن المشكل القانوني لا يضهر في القرار و إنما يستنبط من الإدعاءات ومن الحل القانوني الذي توصل إليه القاضي.
ومن شروط طرح المشكل القانوني:
ـــ لابد أن يطرح في شكل سؤال أو عدة أسئلة ،أي سؤال رئيسي وأسئلة فرعية.
ـــ أن يطرح باسلوب قانوني ،فعوض هل يحق ل"أ"بيع عقاره عرفيا ؟ يطرح السؤال :هل الرسمية ركن في إنعقاد البيع العقاري؟
ـــ إعادة طرح الإشكال طرحا تطبيقيا :فمثلا الطرح النضري هو هل التدليس عيب في العقد ،والطرح التطبيقي هل تعتبر المعلومات الخاطئة التي أدلى بها "أ"ل"ب" بخصوص جودة المبيع حيلة تدليسية تؤدي إلى قابلية العقد للإبطال ؟
ـــ ألا يستشكل ملا مشكلة فيه :فعلى المعلق أن يبحث عن المشكل القانوني الذي يوصله إلى حل النزاع أما المسائل التي لم يتنازع عليها الأطراف فلا تطرح كمشكل قانوني ،فمثلا إذا تبين من الوقائع أنه تم عقد بيع عقار عرفيا ،ثم وقع نزاع حول صحة العقد،فلا داعي للتساؤل :هل البيع الذي تم بين "أ"و"ب" هو عقد عرفي لأن هذا ثابت من الوقائع ولا أشكال فيه.
ـــ بقدر ما طرح الإشكال بطريقة صحيحة بقدر ما يوفق المعلق في تحليل المسالة القانونية المعروضة من خلال الحكم أو القرار القضائي.
إذن المرحلة التحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلق وعليه أن يتوخى في شانه الدقة على إعتبار أن تحليلاته اللاحقة ،سوف تبنى على ما إستخلصه في هذه المرحلة.
2/المرحلة التحريرية :
تقتضي هذه المرحلة وضع خطة لدراسة المسالة القانونية والإجابة على الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثم مناقشتها.
ويشترط في هذه الخطة :
ـــ أن تكون خطة مصممة في شكل مقدمة ،صلب موضوع يحتوي على مباحث ومطالب وخاتمة.
ـــ أن تكون خطة تطبيقية ،أي تتعلق بالقضية وأطراف النزاع من خلال العناوين . فعلى المعلق تجنب الخطة النضرية نكما عليه تجنب الخطة المكونة من مبحث نضري ومبحث تطبيقي لأن هذه الخطة ستؤدي حتما إلى تكرار المعلومات.
ـــ أن تكون خطة دقيقة ،فمن الأحسن تجنب العناوين العامة.
ـــ أن تكون خطة متوازنةومتسلسلة تسلسلا منطقيا بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعة وفقا لتتابع وقائع القضية ،فتضهر بذلك بذلك بداية القضية في بداية الخطة ،كما تنتهي القضية بنهاية الخطة.
ـــ أن توضع خطة تجيب على المشكل القانوني المطروح ،فاذا كان ممكنا يتم إستخراج إشكاليتين قانونيتين ،وتعلج كل واحدة منهما في مبحث ،وهي الخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائية .
بعدما يضع المعلق الخطة بكل عناوينها ،يبدا في مناقشة المسالة القانونية التي يتعلق بها الحكم أو القرار القضائي محل التعليق إبتداء بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع ،إلى أن يصل إلى الخاتمة.
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
في المقدمة يبدا المعلق بعرض موضوع المسالة القانونية محل التعليق في جملة وجيزة ،بعدها يلخص الحكم أو القرار في فقرة متماسكة ،يسرد فيها بايجاز كا من الوقائع والإجراءات وافدعاءات منتهيا بطرح المشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبر كمدخل إلى صلب الموضوع .فالإنطلاق من المحكمة مصدرة القرار مثلا له أهمية قصوى ،حيث يمكن الباحث من القارنة في التحليل بين قضاة عدة محاكم لمعرفة افتجاه الغالب بالنسبة للإجتهاد القضائي .أما إذا كان القرار صادرا من المحكمة العليا،فيمكن مقارنته مع غيره من القرارات الصادرة من المحكمة العليا.كما أن ذكر تاريخ صدور القرار له أهمية لمعرفة ما اذا كان قد وقع هناك تحول للإجتهادات السابقة ،ام وقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة ،أم تم اللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى....إلخ
الموضـــــــــــــــــــــــــوع :
في صلب الموضوع يقوم المعلق في كا نقطة من نقاط الخطة "عنوان" بمناقشة جزء من المسالة القانونية المطلوب دراستها،مناقشة نضرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحل القانوني للنزاع. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية .
أولا :الدراسة النضرية :نشير في هذه الدراسة إلى :
ـــ موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية ،هل استند ألى نص قانوني ؟ هل هذا النص واضح أم غامض؟ كيف تم تفسيره ؟ ووفق أي إتجاه؟
ــموقف الفقه بالنسبة للحل ،ماهي الأراء الفقهية بالنسبة إلى هذه المسالة ،ما هو الأي الذي اعتمده القرار ــ موقف هذا الحل بالنسبة للاجتهاد هل يتوافق مع هذا الإجتهاد االسابق ،أم يطوره أم أنه يشكل نقطة تحول بالنسبة له ؟
وبالتالي يجب على المعلق الإستعانة بالمعلومات النضرية المتعلقة بالمسالة القانونية محل التعليق ،ثم الرجوع في كل مرة إلى حيثيات الحكم أو القرار محل التعليق لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة.
ثانيا : دراسة شخصية :من خلال إعطاء حكم تقييمي للحل الذي جاء به القرار . وهل يرى المعلق بان هنام حكم أفضل له نفس محاسن الحل المعطى ،دون أن تكون له سيئاته .
الخاتمــــــــــــــــــة: وفي الخاتمة يخرج الباحث بنتيجة مفادها أن المشكل القانوني الذي يطرحه الحكم أو القرار القضائي محل التعليق يتعلق بمسالة قانونية لها حل قانوني معين يذكره المعلق معالجا بذلك الحل الذي توصل إليه القضاة إما بالإيجاب أي بموافقة مع عرض البديل ،وبهذا يختم المعلق تعليقه على القرار.
نتمنى ان ينال الموضوع إعجابكم
سلام